الأحد, 26 سبتمبر 2021 5:35 م

متابعة/ المركز الخبري الوطني

في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي إلى تقدم زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز للفوز بزعامة ألمانيا، دعت أنجيلا ميركل الناخبين إلى التصويت لمرشح حزبها، الليبرالي المعتدل أرمين لاشيت. فمن هو؟

وُلِد أرمين لاشيت (60 عامًا) في آخن بولاية شمال الراين وستفاليا، وهي الولاية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في ألمانيا، في 18 فبراير عام 1961.

يوصف بأنه كاثوليكي متدين، والتقى بزوجته -وهي من منطقة والونيا الناطقة بالفرنسية – وهي تغني في جوقة الكنيسة.

لكن يظهر لاشيت أيضاً في صورة رجل الشارع البسيط، حيث أخبر أعضاء الحزب مطلع العام كيف أمّن والده نفقات الأُسرة من خلاله عمله في المناجم، وقال: “عندما تكون في المنجم، لا يهم من أين يأتي زميلك أو ما هي ديانته أو كيف يبدو. المهم هو: هل يمكنك الاعتماد عليه؟”، وفق صحيفة “دويتشه فيله” الألمانية.

درس لاشيت القانون والعلوم السياسية في ميونيخ وبون قبل أن يعمل كصحافي في محطات الإذاعة والتلفزيون البافارية، وكمحرر لصحيفة كاثوليكية.

ويتحدث الفرنسية بطلاقة ويصف نفسه بأنه “أوروبي بشغف”، كما انتخب لعضوية البوندستاج في 1994، والبرلمان الأوروبي في 1999، ورئيسًا لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ولاية شمال الراين-وستفاليا عام 2012، وكان رئيسًالوزراء الولاية منذ عام 2017، حينما فاز بالانتخابات آتياً من الصفوف الخلفية ومخالفاً استطلاعات الرأي.

قالت عنه صحيفة “هاندلسبلات” اليومية سابقًا إنه “سياسي براجماتي يتمتع بقدرة خارقة على الانتظار والتريث، وذكرت أنه “لا يصوّب باتجاه خصومه ضربة قاضية سريعة، بل ينهكهم ببطء، على خط مستمر، بما يتمتع به من قدرة كبيرة على التحمل”.

حليف ميركل المخلص

ويحظى لاشيت، القصير المرح، بشعبية كبيرة وكثيرًا ما شوهد وهو يلقي بنفسه بحماسة في احتفالات الكرنفال التقليدية.

وصف نفسه بأنه مرشح الاستمرارية، ولفترة من الوقت على الأقل، كان يُعتقد أنه مرشح أنجيلا ميركل المفضل.

كان لاشيت، وهو كاثوليكي، أحد النواب الخمسة لرئيس الحزب منذ عام 2012، وكانت ميركل تعتمد عليه نائبًا لها عندما كانت رئيسة الحزب حتى عام 2018، وكذلك خليفتها أنيجريت كرامب كارينباور.

وعندما واجهت ميركل معارضة شديدة من أطياف من حزبها في مواجهة وصول مئات الآلاف من اللاجئين وطالبي اللجوء إلى ألمانيا منذ عام 2015، ظل لاشيت حليفًا مخلصًا لها.

ودافع لاشيت المعروف بسياسته الليبرالية وشغفه بالاتحاد الأوروبي وقدرته على التواصل مع مجتمعات المهاجرين، عن ميركل خلال أزمة اللاجئين قبل 6 أعوام.

السياسة الخارجية

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يؤكد لاشيت على تركيز واضح على الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى التوجه عبر المحيط الأطلسي للحزب، فهو ينوي الضغط من أجل مزيد من التعاون مع الولايات المتحدة بشأن المناخ والسياسة التجارية، ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أكثر قدرة على العمل وتعزيز الشراكة الفرنسية الألمانية.

ويؤيد لاشيت التغيير في القيادة في الولايات المتحدة، وهو التغيير الذي وصفه بأنه “انتصار للديمقراطية”.

كما حافظ منذ فترة طويلة على اتصال وثيق مع القيادة السياسية في باريس وغالبًا ما يزور العاصمة الفرنسية، وكان ممثل ألمانيا للعلاقات الثقافية الفر يعتقد لاشيت أن ألمانيا، ووراءها التكتل الأوروبي “بحاجة إلى روسيا في العديد من القضايا في العالم”.

ويرى بعض منتقدي لاشيت أن موقفه تجاه الصين “ناعم” وهو الذي كانت تعتبر حماية صناعات التصدير الألمانية بالنسبة إليه واحدة من أكبر انشغالاته.

ينظر لانشيت إلى ألمانيا باعتبارها ألمانيا “ليست اللاعب الجيوسياسي ذا التوجهات السلبية” والذي تشتكي منها الولايات المتحدة والدول الأخرى في كثير من الأحيان”، ويعلل أن برلين تشارك في بناء الاستقرار عالمياً.

وعن صداقة ألمانيا والولايات المتحدة، والتي عانت بشدة خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان لاشيت أقل حدة في لهجته مقارنة ببعض السياسيين الألمان الآخرين.

ويرى لاشيت أن واشنطن أكبر شريك لبرلين خارج الاتحاد الأوروبي.

وواجه لاشيت انتقادات بسبب تغريدة نشرها في 2014، أثار فيها مشكلة مع وزير الخارجية الأمريكي السابق حينها، جون كيري حول سوريا؛ إذ اتهم واشنطن بـ”دعم داعش والنصرة ضد الرئيس (السوري بشار) الأسد في سوريا”.

السياسة الداخلية

وفيما يخص السياسة الداخلية، يشكل الأمن أيضاً قسماً بارزا مما أكده لاشيت في أجندته السياسية الداخلية السابقة. كزعيم لمنطقة رينانيا شمال وستفاليا، الأكبر من حيث عدد السكان في البلاد والتي تأثرت بشكل كبير بالجريمة المنظمة، وكان عليه أن يتعامل مع المخاوف الأمنية لبعض الوقت، وفق “يويونيوز”.

أما بالنسبة للتطرف والإرهاب، فقد تبنى لاشيت شعار “عدم التسامح”، مشيرًا إلى أن بدايته كحاكم تزامنت مع تداعيات الهجوم الإرهابي الذي حدث في 19 ديسمبر 2016، حيث دهست شاحنة حشداً من الناس في سوق عيد الميلاد في برلين، مما أسفر عن مقتل اثني عشر شخصاً على الأقل وإصابة خمسين آخرين.

وكشف الهجوم عن أوجه قصور كبيرة في الأجهزة الأمنية. وقال لاشيت في وقت سابق: “عندما بدأ وزير داخليتنا العمل، قام أولاً بصياغة تقرير عن الوضع حتى نتمكن من معرفة من تسبب في المشاكل وتحددي السبل الكفيلة للتعامل معها”.

هفوات لاشيت

ولم يسلم حليف ميركل من زلّات وهفوات أثارت الجدل حوله. فبعد كارثة الفيضانات التي ضربت ولاية لاشيت شمال الراين-ويستفاليا بشدة، لم يبلي السياسي من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بلاء حسنا، بينما كان خصمه من الحزب الديمقراطي الاشتراكي – وزير المالية أولاف شولتس يتقدم في استطلاعات الرأي.

أثار ضحك لاشيت خلال خطاب ألقاه الرئيس الألماني في خضم أزمة الفيضانات الانتقادات، وأثر على أدائه في الاستطلاعات.

وقال لاشيت عن كارثة الفيضانات: “ستظل هذه المخاطر موجودة دائما في السنوات القادمة. كما أن إعادة الإعمار، سواء كبنية تحتية عامة أو كأعمال تجارية، ستعني أيضا أنه في مثل هذه المدينة تكون هناك حاجة إلى بناء مقاوم للفيضانات”، حسبما أوردت شبكة “يورونيوز” الأوروبية.

وخلال جائحة كورونا، لم يسلم لاشيت من عاصفة الانتقادات أيضًا، ليس فقط بسبب تردده بين ضرورة فرض الإجراءات والتراخي، بل كذلك لأنه ابنه عقد صفقة تصنيع كمامات مع صانع أزياء.