الجمعة, 10 مايو 2024 4:13 م

بغداد/ المركز الخبري الوطني

‎أكد إمام وخطيب جمعة مسجد الكوفة المعظم السيد مهند الموسوي ،اليوم الجمعة ،أن الموت عبارة عن رأس مال كبير وسلاح إستراتيجي لتحقيق الأهداف والغايات التي ينشدها الإنسان في مسيرة وجوده نحو الكمال.

وقال الموسوي: لعلنا نتفق أن شخصية شهيدنا السيد الصدر (قدس سره) من الشخصيات التي تحتاج إلى تأمل ودراسة في كل جوانبه فضلاً عن نتاجه وكلماته ومن هذه الكلمات مقولته الشهيرة والعظيمة “سوف أذهب وضميري مرتاح ويكفي أن في موتي فرحاً وشفوة لإسرائيل وأمريكا وهذا غاية الفخر في الدنيا والآخرة”.
‎وأضاف: من هنا أيها الأحبة لنتأمل المقطع الأخير من الكلمة في قوله: “هذا غاية الفخر في الدنيا والآخرة”، ونسأل ما هو الفخر الحقيقي عنده (قدس سره)؟ هل هو الوصول إلى مقام المرجعية أو الامتيازات أو العناوين الدنيوية الأخرى؟ كلاً بل يقول: “موتي”، رصاصات غادرة في جسده الطاهر مع نجليه.
‎وتابع: وأن قوى الشر والباطل في أمريكا وإسرائيل تفرح وتتشفى به، هذه هي غاية الفخر التي ينشدها السيد الشهيد في الدنيا والآخرة، وهي أن تنتهي حياته في الدنيا وهو في قمة أداء تكليفه الشرعي والأخلاقي والإنساني، كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام في لحظة اغتياله “فزت ورب الكعبة”.
‎وأكمل: هذا هو الفوز الحقيقي عند أمير المؤمنين (عليه السلام) وهذا هو الفخر الحقيقي عند محمد الصدر (قدس سره) وهذا هو المنهج الإلهي الذي سار عليه جميع المصلحون الإلهيون من الرسل والأنبياء والأولياء الصالحين، وهذا هو فخرنا وفخر مراجعنا الناطقين وقبلهم أئمتنا المعصومين (عليهم السلام).
‎وأشار الموسوي إلى أن الأمر المثير في هذه العبارة والذي يستحق الالتفات هو الحديث عن الموت في هذا الوقت، لماذا يتحدث السيد الشهيد (قدس سره) عن الموت وبهذه الصورة الاستثنائية والصياغة المثيرة التي يؤكد فيها أنه ذاهب إلى ربه لا محالة؟ مَن الذي سأله عن الموت لكي يتحدث عنه بهذه الصراحة أمام المصلين في خطبة الجمعة؟ وماهي علاقة الموت بموقفه الشرعي والسياسي والتاريخي الذي ينتظره الناس منه وهو في قمة عطائه المرجعي ومشروعه الإصلاحي؟
‎ورأى الموسوي أن السيد الشهيد (قدس سره) يشير إلى أطروحة في اختيار نوع الموت وكيفية وقوعه وتحديد وقته المناسب، فالموت حسب هذه العبارة هو نوع من الإمكانات والقدرة ورأس المال الثمين الذي لا ينبغي للإنسان أن يضيعه أو يفرط به في غير وقته ومحله المناسب.
‎وأوضح الموسوي: أي كما إن الحياة والعلم والقدرة يجب أن تستغل من أجل الوصول إلى الأهداف العليا في الحياة، فكذلك الموت في حسابات المعادلة التي يتحرك بها المصلحون الإلهيون يكون الموت عبارة عن رأس مال كبير وسلاحاً إستراتيجياً لتحقيق الأهداف والغايات التي ينشدها الإنسان في مسيرة وجوده نحو الكمال.
‎وبين أن الإنسان سيرتكب خطئاً فادحاً إذا حصل موته سدى وبدون مقابل يستحق أن يموت من أجله، مادام الموت أمراً حتمياً لا يفر منه أحد، وأنه مقدر على الإنسان ومخطوط عليه تكويناً مخط القلادة على جيد الفتاة؛ إذن ما على الإنسان إلا أن يختار نوع الموتة وليس أصل الموت، لإنه ميت لا محالة.
‎الموسوي أكد: إن الشهيد الصدر (قدس سره) لم يعلمنا هنا كيف نحيا فقط بل يعلمنا كيف نموت، وبقدر ما تكون طريقة حياتك مهمة فكذلك تكون طريقة موتك وكما تهتم بقيمة حياتك فلا ينبغي لك أن تغفل عن قيمة موتك “عش مؤثراً ومت مؤثراً”، إذ لا يخفى أن كثيراً منا يتردد في اتخاذ أعظم قراراته ومواقفه المصيرية بسبب تفكيره بالموت.