الثلاثاء, 26 ديسمبر 2023 6:58 م
متابعة/ المركز الخبري الوطني
يبدو أن عام 2023 كان حافلا في مجال الاستكشافات الفضائية، فمن مهمات الفضاء البعيدة، إلى تحديد أوقات حدوث العواصف الشمسية، مروراً بدخول أنظمة الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحياة في أسبار الكون العميق.
وفيما يلي نستعرض أبرز الاكتشافات التي تخص علوم الكون والفضاء التي حدثت هذا العام.
استكشاف الشمس
في هذا العام كانت هناك العديد من المهام لدراسة الشمس، أولاها كانت لوكالة الفضاء الأوروبية، حيث أُطلق القمر الصناعي إقليدس باتجاه نقطة بين الشمس والأرض تدعى “إل 2” بواسطة صاروخ فالكون 9 في الأول من يوليو/تموز. ويراقب القمر الصناعي الشمس والمجرات البعيدة لدراسة المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
كما أطلقت وكالة الفضاء الهندية في الثاني من سبتمبر/أيلول مسبار أديتيا، ويهدف إلى دراسة ديناميكية الهالة الشمسية والانبعاث الكتلي الإكليلي وتطور الهالة الشمسية.
وفي السادس من سبتمبر/أيلول، أطلقت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية التلسكوب الفضائي للأشعة السينية إكس ريزم، ومهمته دراسة الشمس ودراسة تكوين بنية الكون، والتدفقات الخارجة من نوى المجرات، والمادة المظلمة.
وعلى صعيد آخر، اكتشف الباحثون من مركز التميز المختص بِعلوم الفضاء بالهند علاقة جديدة بين المجال المغناطيسي للشمس ودورة البقع الشمسية، ومن الممكن أن يساعد هذا الاكتشاف في التنبؤ بموعد ذروة النشاط الشمسي.
ويتكون نجمنا “الشمس” من غاز متأين ساخن يعرف بالبلازما، وتشترك تدفقات البلازما الضخمة والحرارة معاً لتكوين مجالات مغناطيسية داخل الشمس والتي تظهر على السطح على شكل بقع داكنة.
وفي بعض الأحيان تتسبب المجالات المغناطيسية الشمسية بأحداث عنيفة تؤدي إلى ولادة العواصف الشمسية، وتطلق هذه العواصف إشعاعات عالية الطاقة، وتقذف كميات هائلة من البلازما الممغنطة إلى الفضاء الخارجي.
ويمكن أن تُسبب هذه العواصف أضراراً جسيمة للأقمار الصناعية وشبكات الطاقة الكهربائية والاتصالات عندما تتجه إلى الأرض، ويفتح هذا الاكتشاف نافذة جديدة للتنبؤ بتوقيت ذروة الدورات الشمسية وشدتها ومقدار تقلبات الطقس التي تسببها.
دراسة القمر
لم ترسل روسيا مسباراً إلى سطح القمر منذ مسبار لونا 24 في عام 1976. وفي أغسطس/آب المنصرم أطلقت روسيا مركبة الهبوط لونا 25 على متن صاروخ سويوز 2 من ميناء فوستوتشني الفضائي في أقصى شرق روسيا.
وكانت مهمة لونا 25 الهبوط قرب فوهة بوغوسلافسكي في المنطقة القطبية الجنوبية للقمر لدراسة مكونات الغلاف الخارجي للقمر القطبي، لكنْ ما إن خرجت المركبة من المدار حتى تحطمت بعد حدوث خلل فني.
وبينما فشلت روسيا في الهبوط على سطح القمر، نجحت الهند بذلك عبر مركبة الهبوط فيكرام، وتأتي مهمة الهند هذه التي يطلق عليها تشانْدرايان 3، ضمن سلسلة من مهام استكشاف القمر التي طورتها منظمة أبحاث الفضاء الهندية.
وجاء إطلاق شانْدرايان 3 من مركز ساتيش دهاوان الفضائي في 14 يوليو/تموز 2023، ودخلت المركبة الفضائية مدار القمر في 5 أغسطس/آب، وهبطت المركبة قرب القطب الجنوبي للقمر.
وفي السياق ذاته، أطلقت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية في 6 سبتمبر/أيلول مركبة الهبوط القمرية “سلِم”، وهي مركبة هبوط ذكية مهمتها استكشاف القمر وتحمل داخلها مركبة جوالة صغيرة وتلسكوبا فضائيا.
رحلات الفضاء والسياحة الفضائية
في مجال الرحلات الفضائية البشرية، حُطم رقمان قياسيان لعدد الأشخاص في الفضاء وفي المدار في وقت واحد. ففي 25 مايو/أيار من هذا العام، كان هناك 20 شخصاً في الفضاء في وقت واحد، و11 على متن محطة الفضاء الدولية، و3 على محطة تيانغونغ الصينية، و6 على مركبة في إس إس يونيتي (VSS Unity) التابعة لِشركة فيرجن غالاكتيك الأميركية.
وبعد خمسة أيام، أي في 30 مايو/أيار، كُسر الرقم القياسي لعدد الأشخاص الموجودين في المدار في وقت واحد، حيث كان هناك 17 شخصاً في المدار في وقت واحد؛ و6 على محطة تيانغونغ الصينية، و7 على محطة الفضاء الدولية، بالإضافة إلى 4 من طاقم رحلة أكسيوم 2 أيضاً على محطة الفضاء الدولية.
يذكر أنّ رحلة أكسيوم 2 تديرها شركة أكسيوم سبيس بالتعاون مع الهيئة السعودية للفضاء، وأُطلقت على متن الصاروخ سبيس إكس فالكون 9، ومهمتها كانت البحث في مرض السرطان، والبذر السحابي، والجاذبية الصغرى في الفضاء. وشملت هذه المهمة أول رائدة فضاء سعودية تصل إلى محطة الفضاء الدولية.
المادة المظلمة والطاقة المظلمة:
إن وجود المادة المظلمة لغز طويل الأمد في عالمنا، إذ تشكل المادة المظلمة نحو ربع الكون، وتأكد وجودها عبر سلسلة من الملاحظات الفيزيائية الفلكية والكونية. وكان وجود المادة المظلمة هو السؤال الذي ظل علماء الطاقة العالية والفيزياء الفلكية حول العالم يحققون فيه منذ عقود.
وأول من افترض وجود هذه المادة عالم الفضاء الهولندي جان أورت عام 1932، لكنْ بدأت دراسة المادة المظلمة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. وأحدث تلك الدراسات التي تناولتها جاءت بناء على الصور الحديثة المذهلة التي التقطها تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
في هذا العام، وتحديداً في يوليو/تموز، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية قمراً صناعياً يسمى أقليدس لدراسة المادة المظلمة والطاقة المظلمة في الكون.
ليزر يصل الأرض من أعماق الفضاء:
أطلق مسبار سايجي (Psyche) التابع لناسا أول تجربة لإرسال البيانات إلى الأرض عبر أشعة الليزر. وأرسل المسبار -الذي كان متجها لدراسة كويكب يقع بين المريخ والمشتري- بياناته للأرض عبر حزمة الليزر من مسافة 16 مليون كيلومتر، ووصلت إلى تلسكوب هيل في مرصد بالومار التابع لمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا بكاليفورنيا.
ويمكن لليزر إرسال بيانات بسرعة تتراوح بين 10 و100 ضعف سرعة أنظمة الموجات الراديوية التقليدية التي تستخدمها ناسا في مهام أخرى.
وإذا نجحت هذه التجربة بالكامل خلال العامين المقبلين، فقد تكون الأساس المستقبلي للتكنولوجيا المستخدمة للتواصل مع البشر الذين يستكشفون المريخ.
وأطلقت ناسا على هذه التجربة اسم “الضوء الأول”، وقالت في بيان لها “إن تحقيق الضوء الأول هو أحد المعالم الهامة العديدة في الأشهر المقبلة، مما يمهد الطريق نحو اتصالات ذات معدل نقل بيانات أعلى قادرة على إرسال معلومات علمية وصور عالية الوضوح وبث الفيديو لدعم القفزة العملاقة التالية للبشرية”.