الأحد, 22 يناير 2023 8:58 م

*د. سيف الدين زمان الدراجي*
باحث في شؤون السياسة الخارجية والأمن الدولي.
” *لاتقاطع عدوك أبداً عندما يرتكب الأخطاء* “. نابليون بونابرت.
تُعد القوة العسكرية أو القوة الدفاعية واحدة من عناصر القوة الوطنية التي تعزز من مكانة الدولة في محيطها الدولي والإقليمي رفقة عناصر أخرى هي؛ القوى المعلوماتية، والاقتصادية، والدبلوماسية، والمعروفة باللغة الانكليزية أختصارا ( DIME ).
غالباً ما نسمع وبشكل مستمر عن استراتيجيات الأمن الوطني للدول لمعرفة ماهية الخطوات وشكل السياسات التي تتبعها تلك الدول لمواجهة التحديات والمخاطر التي حددتها وفق معاييرها ومتبنياتها.
لعل المختصين في ‏علم الاستراتيجيات و صياغتها مُطلعين بشكل واسع وحريصين بشكل كبير على مواكبة عجلة التطور وتحديث المعلومات المتعلقة بكيفية تنفيذ الجهات المختصة والمؤسسات القطاعية في الدولة لإستراتيجيات أمنها الوطني. ولعل واحدة من أهم المحاور -إن لم تكن الأهم- هو محور او مرتكز السياسات الخارجية والدفاعية، التي تتبعها الدول للتغلب على ما قد تمر به أو تواجهه من عقبات و معوقات في طريق نموها وازدهارها وحماية مصالح شعبها .
بعد أن ناقشنا في وقتٍ سابق أهمية السياسات الخارجية ضمن هذا الإطار، لابد لنا الآن من الخوض في الاستراتيجيات والسياسات الدفاعية التي تتبناها الدول في سبيل تحقيق أهدافها.
تحدد استراتيجية الدفاع الوطني نهج وزارة الدفاع لتنفيذ إستراتيجية الأمن الوطني من قبل الحكومة، وذلك من خلال إنشاء مجموعة من الاهداف الشاملة التي توجه أنشطة وزارات الدفاع، التي من بينها؛ تعزيز التحالفات، ومنع الهجمات، وبناء شركات جديدة لمواجهة مخاطر الإرهاب، والتأكيد على سياسات الردع، والعمل مع الآخرين لنزع فتيل الأزمات والنزاعات الدولية والإقليمية .
يعد وزير الدفاع المسؤول الأول عن صياغة استراتيجية الدفاع الوطني، بمعية ‏فريق العمل المكلف من قبله لأعداد الاستراتيجية وفقاً لرؤيته وتقديرات الجهات المختصة في الوزارة بشأن التحديات والتهديدات و المخاطر التي قد تواجه الدولة على المدى الاستراتيجي. عادة ما توضع الاستراتيجية وفقا لعوامل محددة تتمثل في الأهداف والموارد المتوفرة لتحقيق هذه الأهداف، بالإضافة إلى الطرق والوسائل اللازم اتباعها لتحقيق هذه الأهداف.
يوضح المسار الأساسي لإستراتيجية الدفاع الوطني: اهداف التخطيط العسكري من حيث تنظيم القوة، وتحديث القوات، والعمليات التجارية من حيث توفير القدرة الذاتية على الإكتفاء التسليحي، وتنويع مصادر التسليح ودعم البنى التحتية والموارد المطلوبة لتحقيق ذلك، فضلا عن التخطيط للأزمات والطوارئ والكوارث وتطوير القدرات العسكرية والاستخباراتية.
عادةً ما تنتج الجيوش استراتيجيات عسكرية توضع من قبل المؤسسة الدفاعية تحتوي على المسارات والخطوط والأفكار والعمليات التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق الاهداف المرجوة، ولكن قد يلعب العامل السياسي المتمثل بالسلطة أو الحزب أو إلاتلاف الحاكم دور في توجيه مسار الاستراتيجيات الدفاعية، إلى أنه من الضروري أن يتم تحديد هذا الدور بشكل لا يتقاطع مع الرؤية السياسية ولا التقديرات العسكرية للمخاطر والتحديات. لذا لابد من وجود موائمة وتفاهم ما بين القيادة السياسية و القيادة العسكرية بما يكاملهما ويعزز دورهما في التصدي لحالة اللايقين والغموض في التعامل مع الاحداث المستقبلية والاستراتيجية.
أن المؤسسات العسكرية هي أكثر المؤسسات إستيعاباً لما تمر به البلدان من اضطرابات داخلية، وهي أكثر المؤسسات أهمية في التعامل مع التهديدات والمخاطر الخارجية بالتوازي مع القدرات الدبلوماسية، لذا من الضروري أن توضع استراتيجية دفاعية ترسم مسارات سياساتها وخططها و عملياتها تباعاً بالشكل الذي يحقق الاهداف ويضع مصالح البلد العليا في المقام الأول.
‏إن الجهل بأهمية صياغة الاستراتيجيات الدفاعية أو التباطئ في عدم إقرارها نتيجة لعدم وجود الرغبة او ضعف القدرات الفنية أو الموارد اللازمة أو السبل والآليات الضرورية بل و الحتمية للمضي في إعدادها، لا يعفي قيادات الوزارة في تلك الدول من مسؤولياتها في التغاضي عن أو التساهل في، سرعة وضع الاستراتيجيات، وبشكل مباشر حال تسلم القيادة السياسية للوزارة مهام عملها، وبما يضمن التركيز على القضايا التي تعزز منظومة الدفاع الوطني ومرتكزات الأمن القومي في التعامل مع جميع المستويات في البيئة الاستراتيجية الدولية والإقليمية.