الأربعاء, 13 أكتوبر 2021 10:38 ص

ابتداء ساستعير مقولة رولان بارت كيف نسل الخيط الاول، لاسيما اذا ما علمنا حجم الاشتباك الهائل والحاصل في أحقية تكليف الحزب الفائز الاول ( الكتلة الصدرية) من عدمه، اشتباك ينتقل بنا إلى فضاء ممتد له اول وليس له آخر.
ومن غير اسهاب ولا تبذير في الكلمات يمكن أن نصل الي حل احجية حق تكليف الفائز الأول من عدمه من خلال الاستناد لما ورد في نصوص الدستور والقانون الانتخابي رقم 9 لسنة 2020 وقرارات المحكمة الاتحادية. وعلى النحو الاتي :
1. لا غرو من القول أن المشكلة منذ البدء تقع في التحديد او الضبط الاصطلاحي، فغالبا مايتم إستخدام عبارة الكتلة الأكبر من قبل السياسيين او الإعلام العراقي والعربي والمهتمبن بالشان العراقي للدلالة على مصطلح الكتلة النيابية الأكثر عددا ، والصواب استخدام الكتلة النيابية الأكثر عددا طبقا لما ورد في نص المادة 76 / اولا من الدستور التي تنص ( يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً).
2. في كل دول العالم الديمقراطي يكلف الفائز الأول في الانتخابات بتشكيل الحكومة، إلا في العراق، حين سنت بدعة جديدة لا تمت بصلة لقواعد التنافس الانتخابي او تأسيسه النظري والتطبيقي بشئ بل انها افرغته من محتواه الحقيقي من خلال التفسير الذي جاءت به المحكمة الاتحادية عام 2010.

3. بعد انتخابات 2010 اصدرت المحكمة الاتحادية قرارها الصادر بتأريخ 25/3/2010 بالعدد (25/ اتحادية/ 2010) ، ومفاده ان تعبير (الكتلة النيابية الاكثر عدداً) الواردة في المادة (76) من الدستور تعني اما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، او الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين او اكثر من القوائم الانتخابية ودخلت مجلس النواب واصبحت مقاعدها بعد دخولها المجلس وحلف اعضاؤها اليمين الدستورية في الجلسة الاولى الاكثر عدداً من بقية الكتل, فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحها بتشكيل مجلس الوزراء طبقاً لأحكام المادة (76) من الدستور وخلال المدة المحددة فيها) . والذي اكدته لاحقا بموجب قرارها الصادر بتأريخ 11/8/2014 بالعدد (45/ ت. ق/ 2014)، لتعود مرة ثالثة لتؤكده في 22/12/2019 بعد حدوث الخلاف حول من هي الكتلة النيابية الأكثر عددا بعد استقالة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي
4. تذهب بعض الاراء الى ان قانون رقم 9 لسنة 2021 في مادته 45 قد أسس لقاعدة جديدة وهي ان الكتلة النيابية الأكثر عددا هي الكتلة الفائزة، وهي أراء تجانب الصواب ولن تصمد أمام حجاج النصوص لثلاثة اسباب:
الاول: إن المادة 45 على (الرغم من ركاكة صياغتها) فانها تتحدث عن عدم ” إمكانية انتقال” اي نائب أو حزب أو كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الى ائتلاف أو حزب أو كتلة أو قائمة أخرى إلا بعد تشكيل الحكومة وبالتالي القانون يتحدث عن عدم إمكانية “إنتقال” وليس عدم إمكانية “إئتلاف”.
الثاني: في نص المادة نفسها اغفلت هذه الاراء الأستدراك اللاحق الذي سمح بالائتلاف حين قال ( دون أن يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة أو المنفردة المسجلة قبل
إجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم أخرى بعد إجراء الانتخابات) . وهو ما يعد توكيدا لما جاء في قرارات المحكمة الاتحادية التي ذكرت آنفا.
الثالث: بعيدا عن نقاش النص فإن قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة لجميع السلطات ، وبالتالي فإن التكليف ملزم بتطببق قرارات المحكمة بشأن الكتلة النيابية الأكثر عددا.
5. ومع الإيمان بعدم صوابية قرارات المحكمة الاتحادية فيما يتعلق بتفسيرعا للكتلة النيابية الأكثر عددا، إلا أن النفاذ في هذه الحالة يعود لتفسيرها فقط ، ومن يستطيع أن يجمع اكبر رقم أثناء الجلسة الاولى بعد اداء اليمين الدستوري هو صاحب الكتلة النيابية الأكثر عددا والذي بالضرورة هو صاحب الحق بتشكيل الحكومة.

6. من أجل تجاوز الأشكال الذي فرضه تفسير المحكمة الاتحادية في كل دورة إنتخابية، نقترح الاتي:
1.ترك تشكيل الحكومة لحزب الكتلة الصدرية وتأسيس عرف يتجاوز التفسير (وللامانة العلمية فإن هذا مقترح قدمه الخبير القانوني د. جمال الأسدي)، واتفق معه بإعتبار ان المعروف عرفا كالمشروط شرطا
الثاني : البحث عن مخرج دستوري قي مسالة التكليف، يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح كما يتبع في الديمقراطيات الراشدة بأن يكلف الحزب الفائز بتشكيل الحكومة

صفوة القول ان الحالة النافذة والملزمة بشأن الكتلة النيابية الأكثر عددا هي الحالة التي وصفتها قرارات المحكمة الاتحادية ولا يعتد باي رأي آخر على الرغم من عدم صوابيته استنادا لأحكام المادة 94 من الدستور التي تقول ان قرارات المحكمة باتة وملزمة لجميع السلطات

د باسل حسين
رئيس مركز كلواذا للدراسات وقياس الرأي العام العراقي