السبت, 31 يوليو 2021 9:35 ص

متابعة / المركز الخبري الوطني

كشفت دراسة حديثة أن الجفاف الكبير والحرائق في غابات الأمازون المطيرة، تسببتا في قتل مئات ‏الملايين من الأشجار ‏والنباتات، وتحويل جزء من المنطقة التي توصف بـ”رئة الأرض” إلى أحد أكبر ‏مصادر التلوث‎.‎

ورصدت الدراسة المنشورة مؤخرا بمجلة “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم” الأميركية، خسائر ‏أشجار‎ ‎الأمازون‎ ‎نتيجة الحرائق ‏والجفاف، إذ قدرتها بنحو 2.5 مليار شجرة‎.‎
وتخزن غابات الأمازون والغابات الاستوائية الأخرى بين 90 و140 مليار طن من الكربون، مما يجعلها ‏تسهم في استقرار ‏المناخ، وتحظى الأمازون وحدها بنحو 10 بالمئة من الكتلة الحيوية بالأرض‎.‎
وبحسب العلماء، تسببت ظاهرة “النينيو” بين عامي 2015 و2016 في جفاف شديد، وما ارتبط به من ‏حرائق الغابات التي ‏نتجت عنها، إلى جانب موت مئات الملايين من الأشجار والنباتات‎.‎
كما تسببت الظاهرة بانبعاثات قدرت بـ495 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، من منطقة تشكل 1.2 ‏بالمئة فقط من كامل ‏غابات الأمازون المطيرة البرازيلية‎.‎
وتعد “النينيو” ظاهرة مناخية عالمية تحدث عندما يؤثر تغير درجات الحرارة في أحد المحيطات على ‏الطقس بمنطقة أخرى ‏بعيدة، وتنتج عنها تغييرات هائلة في الأحوال الجوية ويمكن أن تؤدي إلى حالات ‏جفاف‎.‎
وعمل الفريق الدولي بقيادة علماء من جامعتي لانكستر وأكسفورد والمؤسسة البرازيلية للبحوث الزراعية، ‏لأكثر من 8 سنوات ‏في دراسة طويلة الأمد بمنطقة الأمازون، قبل وأثناء وبعد ظاهرة “النينيو”، حيث ‏اكتشفوا النتائج الصادمة، التي لها آثار كبيرة ‏على الجهود العالمية للسيطرة على توازن الكربون في ‏الغلاف الجوي‎.‎
أضرار مهولة
وفقا للتنبؤات المناخية، ستصبح حالات الجفاف الشديدة أكثر شيوعا، وحتى الآن لم تكن الآثار طويلة ‏المدى للجفاف والحرائق ‏على غابات الأمازون المطيرة معروفة إلى حد كبير، لا سيما داخل الغابات التي ‏تتضرر من أنشطة مثل قطع الأشجار الانتقائي ‏غير القانوني‎.‎
لكن عند فحص “مركز الأمازون” لظاهرة “النينيو” في منطقة تاباغوس السفلى في البرازيل التي تقع ‏شرق الأمازون وتبلغ ‏مساحتها حوالى ضعف مساحة بلجيكا، وجد الفريق الدولي أن الأضرار تمتد لعدة ‏سنوات‎.‎
وكشفت الدراسة أن الأشجار والنباتات في الغابات المتضررة من الجفاف، وكذلك الغابات المحترقة، ‏استمرت في الموت بمعدل ‏أعلى من الطبيعي لمدة تصل إلى 3 سنوات بعد خفوت ظاهرة “النينيو”، مما ‏أدى إلى بقاء المزيد من ثاني أكسيد الكربون في ‏الغلاف الجوي‎.‎
وكان إجمالي انبعاثات الكربون من الجفاف والحرائق في منطقة تاباغوس السفلى وحدها، أعلى من إزالة ‏الغابات لمدة عام كامل ‏في منطقة الأمازون بأكملها‎.‎
ونتيجة للجفاف والحرائق، أطلقت المنطقة على مدى 3 سنوات ما يعادل انبعاثات الكربون السنوية التي ‏تصدرها بعض البلدان ‏الأكثر تلوثا في العالم، متجاوزة انبعاثات البلدان المتقدمة مثل بريطانيا وأستراليا‎.‎
وبعد 3 سنوات، تمت إعادة امتصاص حوالى ثلث (37 بالمئة) الانبعاثات فقط، عن طريق نمو النبات في ‏الغابة‎.‎
ويوضح هذا أن وظيفة الأمازون الحيوية كـ”بالوعة كربون” يمكن إعاقتها لسنوات بعد أحداث الجفاف ‏هذه‎.‎
وقالت الدكتورة إيريكا بيرنغير المؤلف الرئيسي للدراسة: “تسلط نتائجنا الضوء على الآثار المدمرة للغاية ‏وطويلة الأمد التي ‏يمكن أن تسببها الحرائق في غابات الأمازون، وهو نظام بيئي لم يتطور مع الحرائق ‏ويمثل ضغطا منتظما‎”.‎
وجمع العلماء البيانات من خلال إعادة النظر بانتظام في 21 قطعة من أراضي الغابات المعاد نموها، ‏والغابات المتضررة من ‏قطع الأشجار بشكل انتقائي‎.‎
التدخل البشري
ورغم أن الأبحاث السابقة أظهرت أن الغابات التي ينميها الإنسان أكثر عرضة للحرائق، فإنه لم يكن ‏معروفا ما إذا كان هناك أي ‏اختلاف في قابلية التأثر ومرونة الأشجار والنباتات في هذه الغابات عند ‏تعرضها للجفاف والحرائق‎.‎
ووجد الباحثون أن الأشجار والنباتات ذات الكثافة الخشبية المنخفضة واللحاء الرقيق كانت أكثر عرضة ‏للموت من جراء ‏الجفاف والحرائق، وهذه الأشجار الصغيرة أكثر شيوعا في الغابات التي ينميها الإنسان‎.‎
ويقدر الباحثون أن حوالى 447 مليون شجرة كبيرة ماتت، بينما نفقت نحو 2.5 مليار شجرة أصغر في ‏أنحاء منطقة تاباغوس ‏السفلى‎.‎
وكانت انبعاثات الكربون من تلك الغابات التي ضربتها الحرائق أعلى بـ6 مرات تقريبا من الغابات ‏المتضررة من الجفاف وحده‎.‎
وتسلط هذه النتائج الضوء على أن التدخل البشري يمكن أن يجعل غابات الأمازون أكثر عرضة للخطر، ‏وتؤكد على الحاجة إلى ‏الحد من قطع الأشجار غير القانوني وغيره من الأنشطة البشرية واسعة النطاق في ‏الأمازون، فضلا عن ضرورة الاستثمار ‏في قدرات مكافحة الحرائق بالمنطقة‎.‎
وتعليقا على هذه النتائج، قال البروفيسور جوس بارلو من جامعة لانكستر والجامعة الفيدرالية في لافراس، ‏الباحث الرئيسي في ‏الدراسة: “ظهرت الحاجة إلى العمل على مستويات مختلفة على الصعيد الدولي. نحن ‏بحاجة إلى اتخاذ إجراءات للتصدي لتغير ‏المناخ، في الوقت الذي ترتفع به احتمالية حدوث حالات الجفاف ‏الشديد والحرائق‎”.‎
ويتابع بارلو: “على المستوى المحلي (في غابات الأمازون)، ستعاني الغابات عواقب سلبية أقل من ‏الحرائق إذا ما تمت حمايتها ‏من التدهور‎”.‎