الأحد, 25 يوليو 2021 12:48 م

المركز الخبري الوطني

على الرغم من الأعمال التي تقوم بها مفوضية الإنتخابات منذ عدة أشهر، إستعدادا للإنتخابات البرلمانية المزمع أجرائها في تشرين الأول 2021، الا أن كل ذلك مجرد تفاصيل روتينية قد تتوقف في أي لحظة بعد أن بدأ التوجه يميل قليلا الى عدم إمكانية إجراء إنتخابات في هذا الموعد المثبت لدى الجميع.

وحتى هذه اللحظة ومنذ إعلان مفوضية الإنتخابات إنطلاق الحملة الدعائية للمرشحين مطلع تموز/يوليو 2021 وحتى تشرين الاول/أكتوبر المقبل، تبدو البوادر لدى الكتل السياسية تجاه الدعاية ضعيفا، حيث لا ملصقات ولا إعلانات ولا أي شيء يخص الدعاية الإنتخابية.

لكن أكثر المخاوف التي تجري حتى الآن، هي البيئة الآمنة التي يجب توفيرها لاجراء الانتخابات، مرشحون من أحزاب يخشون تمزيق لافتاتهم من قبل المتظاهرين، بينما مرشحون من ساحات الإحتجاج يخشون الإستهداف وبين كل هذا الجدل، لا يزال موعد الإنتخابات قابلا للتغيير بحسب الأوضاع الأمنية.

لماذا تتأجل الإنتخابات

يقول الأكاديمي بجامعة ذي قار والمتابع في الشأن السياسي د.حازم هاشم ان “الإنتخابات ستؤجل و لن تجرى في تشرين لأسباب لوجستية يعرفها العاملون في المفوضية نفسها مادية وتقنية و بشرية ولأسباب معروفة تتعلق بالإنفلات الأمني والصراع الحزبي وحرب الحرائق التي ستصل ذروتها في حرق مخازن واماكن عمل المفوضية من قبل الأحزاب المتصارعة مستغلة حراكا شعبيا سيحدث في أيلول و تشرين المقبلين بالسلب”.

يؤكد هاشم خلال حديثه لـ”المركز الخبري”، أن “الإنتخابات المبكرة وهو المطلب الأكثر هزالا ستتم في نيسان ٢٠٢٢ في ظل عدم إقرار للموازنة و تأخر في إعلان النتائج و جولات تفاوض محاصصاتي بين الفرقاء برعاية أميركا و إيران ربما يطول لأبعد من زمن محاولة سعد الحريري الفاشلة لتشكيل حكومة في لبنان والتي استغرقت اشهرا مارثونية انتهت بتخليه و ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة إلى مليونين و نصف المليون ليرة أمام كل مئة دولار”.

وفي ظل فشل الصدر كما يقول هاشم “في جمع اتباعه بعد سلسلة محاولات بعنوان الأمة الصدرية ثم لقاح السيد الصدر الأول و الثاني ثم تخويف الصدريين أنه سيموت ثم سحب يده فإن الصدريين إضافة للولائيين سيكونون حجر العثرة القادم و المعقد و المنفلت في تفجير بغداد و الجنوب”.

يضيف، “بينما سيظل الكرد و السنة يمارسون دور الأقلية المراقبة بعد انهيار فكرة الدولة المستقلة للكرد و انهيار روح الوطن العراقي عند السنة و انسحاب الإثنين إلى حسابات مناطقية ضيقة، تكفل لهما تجنب إيران و الانتفاع من الخراب الشيعي المتواصل وبناء طبقة سياسية سارقة متجذرة”.

بنظرة مؤلمة يقول هاشم فأن “الوضع سيبقى على ما هو عليه حتى انكشاف مشروع بايدن الجديد في المنطقة الذي بدأ بتحريكه على رقعة تمتد من أفغانستان إلى ليبيا ولكل حادث حديث”.

موقف من تشرين

يعتقد الناشط البارز في حراك تشرين والأمين العام لحزب البيت الوطني حسين الغرابي أن هناك نية مبيتة لدى الاحزاب التقليدية لتأجيل الانتخابات لموعدها المحدد الاساسي، وان هذه الاحزاب تختلق الازمات لأجل ذلك ولم تكن جادة بتهيئة بيئة انتخابية عادلة وآمنة”.

يضيف الغرابي خلال حديثه لـ”المركز الخبري”، أن “الأحزاب أيضا لم تحقق ما طالبت به تشرين من اشتراطات لهذه الانتخابات التي اريد لها ان تستبدل هذه الطبقة السياسية، والبيت الوطني قال كلمته منذ فترة بأنه لن يعطي شرعية لانتخابات شكلية بأدواتها القديمة والتي يشوبها الفساد وعدم الشفافية ،ويسيطر عليها السلاح والمال السياسي الفاسد”.

إنتخابات في موعدها

يرى النائب عن كتلة الفتح عبدالأمير الدبي خلال حديثه مقتضب لـ”المركز الخبري”، بأن “كل الكتل السياسية مجمعة على اجراء الانتخابات في وقتها المحدد في 10 تشرين الأول من العام 2021 لانها مطلب شعبي ومرجعي”.

من جانبه يؤكد مصدر في مفوضية الإنتخابات لـ”المركز الخبري”، بأن “المفوضية ليس لها علاقة أو شأن في الجدل الدائر والحديث الذي يجري حول تأجيل الانتخابات من عدمها، المفوضية تعمل بكامل قدرتها منذ مطلع العام الجاري وهي تسعى لاكمال كافة التفاصيل والمتعلقات اللوجستية والفنية”.

يضيف المصدر الذي يعمل في مفوضية الإنتخابات بأن “لا تأجيل حتى يصلها كتاب رسمي من الحكومة، وهي تعمل الان على أجهزة المحاكاة، فقد أجرت يوم 14 تموز أول محاكاة لفحص الاجهزة الالكترونية الجديدة وتأكيد عملها بشكل جيد كما ستكون هناك محاكاة في شهر آب وأيلول، وكل الأمور الأخرى تجري بشكل إنسيابي وفق التوقيتات التي لدينا”.

وكانت المتحدثة بأسم المفوضية جمانة غلاي قد أكدت في 5 تموز/يوليو 2021 عن رفع اعداد الناخبين الى مجلس المفوضين والبالغ عددهم أكثر من 24 مليون ناخب فيما تم سجل الناخبين للتصويت الخاص لايزال قيد الإنجاز وعلى مراحله الأخيرة، حيث أن أكثر من 17 مليون ناخب مسجل بايومترياً وسوف تكون لديه بطاقات بايومترية والمتبقين منهم لديهم بطاقات قصيرة الآمد.

النائب عن كتلة الفتح ناصر تركي أكد خلال حديثه لـ”المركز الخبري”، بأن “مفوضية الإنتخابات أعلنت عن إستعدادها الكامل لإجراء الإنتخابات وجميع المرشحين سواء كانوا مستقلين أو من الاحزاب وبدأوا بحملاتهم الإنتخابية منذ فترة وهذا الذي نراه في الساحة اليوم”.

يضيف تركي “ما يخص المستجدات خلال المرحلة المقبلة،لا نعلم ما سيجري لاحقا في أوضاع غير مستقرة في بلد مثل العراق”.

إحتمالات التأجيل

يرى الآكاديمي والمحلل السياسي د.أنور الحيدري أن “إنسحاب الصدر كما يبدو من الانتخابات هو اعلان احتجاجي مسبب، وليس مقاطعة للعملية السياسية أو رفضاً للنظام السياسي، ومن ثم فإن يمكن الإعلان أيضاً عن الانسحاب من إعلان الانسحاب متى ما زالت المسببات”.

أما انطلاق الحملة الانتخابية، كما يقول الحيدري، “فهي عملية غير رسمية تحاول فيها بعض الكيانات السياسية الجديدة إعلان وجودها المبكر قبيل إطلاق الموعد الرسمي للحملة، أما القوى الموجودة في المشهد السياسي الحالي فلها استعداداتها الانتخابية الخاصة بها، والتي تأخذ فيها عوامل عدة من بينها انتظار الموعد الرسمي للحملة الانتخابية، وعدم تعريض مرشحيها للحرق الاعلامي في وقت مبكر، وانتظار مفاجآت ومتغيرات اللحظة الأخيرة قبيل الانتخابات لاستثمارها لصالحها”.

ويبدو أن القوى السياسية كافة بحسب الحيدري،” مستعدة لإجراء الانتخابات، أما أصوات التأجيل فيبدو أنها قادمة من خارج حدود الدولة وأن أحد أهداف الحكومة الحالية التي صوت البرلمان بموجبها على منحها الثقة هي إجراء انتخابات مبكرة، وخلاف ذلك سيزداد المشهد السياسي تعقيدا”.

يؤكد الحيدري “ما يخص دعوات إلغاء الانتخابات وتعطيل الدستور وإعلان حكومة طواريء نظراً للازمات التي يمر بها البلد، فإنه يعني الإيذان بالفوضى، وإنهاء شكل الدولة، والذهاب بالبلاد قدماً نحو المجهول”.

يرى المرشح عن التيار الإجتماعي مقداد أبو الهيل خلال حديثه لـ”المركز الخبري”، بأنه “يوجد هناك نية لبعض الكتل السياسية الماسكة للسلطة في تأجيل الإنتخابات والتأجيل متوقع، لأن البيئة الامنة للانتخابات غير متوفرة منذ بدايتها حيث يتوقع أن يتعرض المرشحين للقتل فضلا عن التزوير “.

يتابع أبو الهيل ، “لكن قانون الانتخابات الجديد على علاته وسلبياته يمكن ان نحصل على مرشحين جدد خارج الاحزاب المتسلطة منذ سقوط نظام صدام خاصة وان ما يقارب نصف المرشحين مرشح فردي اضافة للاحزاب السياسية الجديدة وان كان البعض غير مستقل حقيقية عن الاحزاب القديمة ولكن عدد لا بأس به جديد يمكن ان يمثل خارطة سياسية جديدة وهذا يعتمد على الوعي الشعبي في اختيار من يمثله”.

وعلى الرغم من الجدل الدائر ومخاوف المواطنين من تأجيل الإنتخابات وما يرافقه من أحداث، تبقى الساحة مفتوحة حتى اللحظة للمرشحين والإنطلاق بحملاتهم الإنتخابية، لكن الهاجس الأمني لا يزال يشكل خطرا كبير على المواطنين بشكل عام في العراق، بسبب تنامي نفوذ المليشيات والعصابات المنفلته.