الأثنين, 8 مارس 2021 3:37 م

بغداد – NNC
يثير عيد المرأة العالمي في 8 أذار من كل عام الكثير من الهموم والأمنيات لدى النساء في العراق، حيث تستذكر المرأة العراقية هذا العيد بحسرات كبيرة في ظل تصاعد العنف ضدها وتضائل الفرص في العمل والتوظيف وأيضا تراجع مكانتها الاجتماعية واستمرار النظرة السائدة تجاهها بشكل سلبي.

وعلى الرغم من الدعوات السياسية والاجتماعية حول المرأة وحقوقها والدعوة إلى تشريعات وقوانين تنصف المرأة بالعراق، إلا أن ذلك لا يتعدى كونها تصريحات اعلامية لم يتم تطبيقها على أرض الواقع، إذ لا تزال هناك أعمال عنف تحصل بحق المرأة في عدد من المحافظات العراق سجلتها خلال السنوات القليلة الماضية وهو ما يؤشر على ارتفاع المخاوف من استمرار تلك الأعمال بحقها.

في العراق، يبدو عيد المرأة أكثر اختلافا عن المجتمعات الأخرى التي تحتفل بهذا اليوم، حيث تشارك النساء معاناتهن ودعواتهن المستمرة الى تحقيق مطالبهن والحصول على حقوقهن في كافة المجالات ودعواتهن المستمرة إلى إزالة النظرة التمييزية ضدهن وفسح المجال لهن في المشاركة المجتمعية والسياسية.

أمنيات ومواقف

تزينت صفحات مواقع التواصل الإجتماعي اليوم الاثنين بتغريدات وتدوينات حول عيد المرأة تباينت بين التهاني من جانب وتعزيز مكانة المرأة من جانب أخر والدعوة إلى إنهاء العنف وتوفير حياة كريمة لهن.
كتبت الإعلامية أزل السياب على فيسبوك، قائلة، “8 أذار ليس عيدا لكل النساء، بل عيد لكل صابرة ومجاهدة ومكافحة ومناضلة قوية وعفيفة وشريفة وأم حقيقية وزوجة وفية وبنت مطيعة وأخت حنونة وخالة عطوفة وعمة حريمة، كل عام وأنتِ فخرا لأهلك ولكل محبيك”.

فيما كتب الصحفي علي شاهر على فيسبوك، ” ‏تحية إلى كل إمرأة تعيش كل يوم تحدٍ جديد لتترك بصمة على ملامح التاريخ تحية لنساء يَعْبُرْنَ بفخرٍ بوابات المجد نحو المستقبل ولا ينتظرن الفرص بل يصنعنها.

وفي تويتر، أستذكر مغردون عدد من النساء العراقيات اللواتي كان لهن مواقف مشرفة وبطولية خلال الحرب على الإرهاب في الموصل وتكريت حيث كتب خالد الجبارة تغريدة يستذكر فيها البطلة العراقية التي قاتلت داعش في تكريت أمية الجبارة قائلا، “أمية الجبارة..أبتهجي..كان الأمر يستحق”.

فيما أستذكر مغردون، موقف النساء خلال الإحتجاجات العراقية التي انطلقت في تشرين الأول 2019، وكيف كان لهن دورا كبيرا ومميزا في دعم التظاهرات في ساحة التحرير وساحات الاحتجاج الاخرى في المحافظات ومشاركتها في الفعاليات الفنية والثقافية التي تدعم الاحتجاج.

وأرفقت المغردة شيماء في تويتر صورة لمتظاهرة عراقية خلال التظاهرات كتبت عليها، “شعلة الحب والعطاء ..كل عام والعراقي رائعة”.

وتقول علياء العبادي وهي ناشطة لـ”المركز الخبري الوطني”، أن “أمنيات المرأة في العراق هي أن تحظى بحياة كريمة وأن تحصل على حقوقها وأن تساهم في صناعة الحياة بشكل أوسع ليس في الوظيفة فقط بل في سوق العمل، هناك تجارب نسائية مهمة برزت في القطاع الخاص تحظى بمكانة اقتصادية مرموقة”.
وتضيف، أن “المرأة في العراق تحتاج الى دعم حقيقي يتمثل أولا بالتعليم وحقها في أن تكمل تعليمها وأن تكون هناك مراكز تنمية وتأهيل، صحيح أن المنظمات العالمية عملت منذ سنوات على تمكين المرأة لكن الجهود تحتاج الى سنوات طويلة لكي يكون هناك جيل نسائي قادر على المواجهة والمشاركة”.

تصاعد العنف خلال الحظر المنزلي
كانت سنة 2020 هي الأصعب على النساء في العراق بسبب تفشي فايروس كورونا والاجراءات الوقائية التي فرضتها السلطات حينها والتي كانت تتعلق بالحجر المنزلي وحظر التجوال والذي ولد ردود أفعال واسعة بحق المرأة، حيث سجلت حالات طلاق كثيرة في عدد من المحافظات، كما تم تسجيل تعنيف منزلي وحصول حوادث انتحار لعدد من النساء بعضهن تحت سن الرشد.
وكشفت وزارة الداخلية العراقية في ديسمبر/كانون الأول 2020 عن تسجيل أكثر من 15 ألف حالة عنف منزلي في العراق للعام 2020، لكن ناشطات أكدن بأن الرقم أعلى بكثير من المعلن.

وتتحدث رئيسة منظمة “أور للمرأة والطفولة” منى الهلالي لـ”المركز الخبري الوطني” أن “المرأة في العراق تواجه تحديات اجتماعية كالأعراف والتقاليد وتحديات سياسية واقتصادية وقوانين تميزية كلها ساهمت في زيادة حالات العنف ضدها، حيث برزت ظاهرة العنف بصورة خاصة في ظل جائحة كورونا بسبب الوضع الاقتصادي وفقدان الكثير من النساء للوظائف أزاء صمت حكومي”.

وأثقلت هذه الأمور كما تقول الهلالي أعباء المرأة في مسؤولية حماية عائلتها والاعتناء بهم في ظل الجائحة، كما كان للمرأة دور كبير في الاحتجاجات رفعت صوتها عاليا للمطالبة بالعدالة الدستورية فرص العمل والتعليم والحياة الكريمة، لكن الوضع الأمني أثرا كثيرا على حياة النساء، فغالبا ما تكون المرأة هي الطرف الخاسر، لكننا نأمل أن تحصل على فرص متساوية وقوانية منصفة وعدالة إجتماعية”.

ولا توجد حتى الآن إحصائية دقيقة بشأن العنف على المرأة خلال جائحة كورونا، لكن الأحداث اليومية التي تنشر وقائعها على مواقع التواصل تكشف حجم المشكلة التي تعاني منها المرأة، منها مشاهد القتل أو الانتحار أو الاغتصاب كلها دليل على أن ما يجري يحتاج لجهود وطنية لإيقاف ذلك.

تحديات وتشريعات
“أكبر التحديات التي تواجهها المرأة اليوم في العراق هي التحديات السياسية، حيث لم تستطع المرأة ان تكون في المشهد أو السلطة السياسية ولم تكن صانعة قار بشكل حقيقي حتى وجود المرأة في بعض مفاصل الدولة والهيئات يمثل تحديا كبيرا وعقبات هائلة”. كما تقول الصحفية سهى عودة لـ”المركز الخبري الوطني”.

وتضيف، “المرأة اليوم غير فاعلة حتى وأن كانت متواجدة في المشهد السياسي، لم نستفد منها بالسياسة بسبب النظام الذي يقوم على أساس توزيع الأحزاب وترأسها من قبل الرجال، حتى أنها لم تصل لمرحلة صنع القرار، لم تستطع أن تضع قوانين للحد من العنف ضد المرأة فمنذ العام 2015 ولحد الان لم يتم إقرار تشريع قانون العنف الأسري وكذلك قانون الاحوال الشخصية وهي قوانين مهددة”.

وتوضح عودة، “هناك تهديد وقلق دائم وهذا على مستوى القوانين وهناك قوانين أخرى منها قوانين العقوبات فهي تحتاج الى تعديل أيضا لعل أبرزها القانون الذي يبيح قتل النساء تحت مسمى غسل العار، إضافة للتحديات الأمنية، نحتاج الى تفهم ووعي من الجهات الحاكمة والمسؤولة التي تصنع القرار، كذلك أن يكون للدولة الوعي الكامل من أجل أن تأخذ النساء حقوقها بشكل متساوي للرجل وهو بحد ذاته ممكن أن يقلل من العنف ويجعل المرأة شريكة حقيقة.

تقول المادة 41 من قانون العقوبات العراقي إنه “لا جريمة إذا وقع الفعل (الضرب) استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق، تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا”.

ووثّقت الأمم المتحدة في العراق خلال العام 2020 تقارير عديدة تتعلق بإساءات مروّعة بحق النساء والفتيات، في عدد من المحافظات، منها حوادث اغتصاب وإساءة يقوم بها أزواج ضد زوجاتهم وكذلك تحرش جنسي بالقصر وحوادث انتحار بسبب العنف المنزلي.