الأحد, 5 نوفمبر 2023 11:00 ص
عبدالزهرة محمد الهنداوي
ربما، لم يحدث يوما، ان جاءت حسابات الحقل والبيدر متطابقة، فهي في الغالب مختلفة، والاختلاف، دائما يكون لصالح البيدر، لان المحاصيل عندما يتم جمعها من الحقل، يجري نقلها بعد ذلك الى مكان البيدر، الذي يكون في موقع اخر، وبصرف النظر عن بعده او قربه من الحقل، فإن عملية مثل هذه تؤثر على كميات المحصول، فتأتي النتائج مختلفة وغير مطابقة، لما كان يتمناه الفلاح.
ومن النادر جدا، ان تأتي الحسابات لصالح البيدر، حتى ولو بفارق بسيط!!
وهنا وجدت من المناسب استعارة فكرة الحصاد وثنائية الحقل والبيدر، للحديث عما شهده العراق، خلال عام من تولي السيد محمد شياع السوداني، دفة قيادة الحكومة في العراق، هذه الحكومة التي خرجت من رحم انسداد سياسي شديد الوطأة، استمر لنحو عام كامل، رافقه غياب تام للموازنة، وتراجع حاد في الايرادات المالية، الامر الذي جعل الكثيرين يتوقعون ان هذه الحكومة ستكون عاجزة تماما عن الخروج بنتيجة ايجابية لصالح العراقيين، فكان هناك من يقول، كيف لنا ان نتحدث عن البيدر والحصاد، وليس ثمة حقول مزروعة؟!!!..
ومن دون ادنى مجاملة، ان ظروف مجيء هذه الحكومة وتوليها زمام الامور كانت في غاية الصعوبة والتعقيد، فكان لابد لها ان تكون او لا تكون، ولا يوجد امامها خيار ثالث!!..
وكانت اول خطوة في الطريق، ان تحدد اولوياتها، فمن دون وجود اولويات ، معناه الفشل!.. ومن بين تلك الاولويات، وجود قانون موازنة يغطي باريحية ماتريد الحكومة القيام به، وبذلك حقق السيد السوداني اول نجاح له، بوضع الموازنة الثلاثية (2023-2025)، وهي سابقة تحدث لاول مرة في العراق، وشكل هذا الامر انعطافة تنموية وخدمية مهمة، فالمشاريع لن تدخل مرة اخرى في عنق زجاجة عدم وجود الموازنة او تأخرها لعدة اشهر في كل عام، والخدمات ستمضي من دون مشكلات، بعدها انتقلت الحكومة الى الخطوة الثانية، خطوة التخطيط والتنفيذ، في مجال الخدمات، ودعم الفقراء، ولاول مرة ايضا، ان يكون التخطيط والتنفيذ في ان واحد وفي اقل من عام، واتحدث هنا عن مشاريع فك الاختناقات المرورية في العاصمة، وانشاء المدن السكنية الجديدة، ومشروع طريق التنمية، فضلا عن مشاريع اخرى كثيرة، من دون ان تنسى الحكومة ملف المشاريع المتلكئة، تلك المشاريع التي اكلت الكثير من اموال العراقيين، وفيها من المستشفيات والمدارس ومشاريع الماء والمجاري والطرق والكهرباء، وسواها، اذ جرى التصدي لهذا الملف، وشهد معالجات مهمة وكبيرة، اما الشرائح الهشة فكانت لها مساحتها في الاولويات الحكومية، عبر تحسين شبكة الحماية الاجتماعية، والبطاقة التموينية، الامر الذي ادّى الى حدوث حالة من الاستقرار النفسي لدى الناس، فالدخل والغذاء مؤمّنّان..
وعلى مدى عام، شهدت الكثير من الحقول حركة واسعة، اقتصاديا، واستثماريا، وسياسيا، صناعيا وزراعيا، وبات الناس ينظرون بتفاؤل الى المشهد، فقد وجدتُ بائع الغاز فرحا، وهو يحدثني عما يشاهده من عمل في جميع المناطق التي يمر بها يوميا، ويضيف ان صاحبه الذي كان يعمل معه، تركه لينخرط للعمل في احد المشاريع، ووجدت وكيل الحصة التموينية متذمرا، لان بعض العوائل لم تعد تستلم حصصها، وليس لديه المخازن الكافية للمحافظة على المواد الغذائية.
ولكن في المقابل،، هل هذا كل شيء وهو منتهى ما يريده الناس؟
كلا ابدا، فالعراق بحاجة الى عمل كبير وكبير جدا، لان كل قطاعات الحياة، تحتاج الى التأهيل، كما الارض البوار التي تركت لسنين طويلة من دون رعاية، ومن اجل جعلها منتجة لابد من مدى زمني مناسب قبل ان تكون صالحة للزراعة، مع وجوب توفر الارادة الحقيقية، والمتطلبات الاساسية، ومراعاة الظروف البيئية والمناخية، لاعادة تأهيلها، وتهيئتها للزراعة، عسى ان تتطابق حسابات الحقل والبيدر..