الجمعة, 26 مايو 2023 12:49 م

فاضل ابو رغيف

مر القضاء بمراحل ومخاضات اقل ما يمكن وصفها بأنها لو مرت بمجالس قضاء بدولٍ أخرى لاصبحت كالعهنِ المنفوش ، لكن مجلس القضاء بفعلِ تماسكهِ ورِباطة جأشه ، وعدم انفعاله بشكلٍ يوهن الهيكل القضائي ، ومن هنا كانت نقطة وثاقة الجمهور بهِ، ولعل الميزة الاعظم التي تميز مجلس القضاء الاعلى عن باقي مجالس القضاء بالمنطقة ودول الجوار لا بل العالم، ان مجلس القضاء بدولهم اما ان يكون مرتبطًا بوزارة العدل او بمجلس الرئاسة او الديوان الملكي ، لكن مجلس القضاء العراقي، هو الوحيد غير المرتبط باي رئاسة تنفيذية ، ولعلي سأستعير بأقتباسة حرفية تخص تطور القضاء بصورة اجمالية عن تاريخ مجلس القضاء الاعلى فقدنظم قانون السلطة القضائية رقم (26) لسنة 1963 شؤون القضاة في العراق إذ ان تشريعات تنظيم القضاء في العراق التي سبقته وضعت في ظل ظروف واوقات لم يتوخ فيها المشرع حرمة القضاء واستقلاله بقدر ما كان يتوخى فيها مصلحة الحاكمين على حساب العدالة. وأهم مستجدات هذا القانون هو تغيير اسم لجنة امور الحكام والقضاة التي كانت تدير شؤون القضاة إلى اسم (مجلس القضاء). وقد ضمت تشكيلة مجلس القضاء في القانون المشار اليه رئيس محكمة التمييز ورئيساً مجلس التمييز الشرعي ورئيس هيئة التفتيش العدلي ونائب رئيس محكمة التمييز واحد كبار موظفي وزارة العدلية، واستمر (مجلس القضاء) في ممارسة مهامه بإدارة شؤون القضاة. حتى عام 1977 حيث صدر قانون وزارة العدل رقم (101) لسنة 1977 وبموجبه الغي (مجلس القضاء) ليحل محله مجلس العدل، الذي يرأسه وزير العدل. وبذلك فقد القضاء استقلاليته فلم يمارس دوره إذ أصبحت السلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل مهيمنة عليه وحسب نظرياتها السياسية مما شكل انعطافة خطيرة وحادة في تاريخ القضاء العراقي وقد استمر الحال حتى تغيير النظام السياسي في 9/4/2003. وبعد 9/4/2003 ارتفعت الأصوات منادية باستقلال القضاء وبناء دولة القانون، فأرتئت الإدارة المؤقتة لقوات التحالف في حينه ان استقلال القضاء عامل مهم في حفظ امن المجتمع وضمانة من ضمانات الديمقراطية في العراق. فصدر الامر رقم (35) في 18/9/2003 بإعادة تأسيس (مجلس القضاء) حيث تصدرت ديباجة الامر العبارة التالية ((ان السبيل إلى فرض حكم القانون هو نظام قضائي مؤلف من كادر مؤهل وحر مستقل عن التأثيرات الخارجية)). فكان الهدف واضحاً من إعادة تشكيل مجلس القضاء هو تحقيق (دولة القانون) وقد حقق صدور الامر رقم (35) مكسبان:-
الأول / إعادة تأسيس مجلس القضاء ليكون مسؤولاً ومشرفاً على النظام القضائي في العراق وبشكل مستقل عن وزارة العدل.
الثاني / السعي لإقامة دولة القانون، وطالما كان اقرار قانون مجلس القضاء الاعلى حديثًا فهو يحتاج لمدة اطول كي يبني كيانه وهيكليته وكما نعبر ( كي يقوى عوده)، وليس من المصلحة المتوخاة بشيء الخوض بما يسمى باصلاح القطاع القضائي ، لان هذا الإصلاح إذا كان الغرض منه التغيير البنيوي أو الهامشي فذلك سيضّر قطعًا بهيكلية القضاء العراقي، ومن هنا فلستُ معارضًا على هذه الدعوات، بالعكس فان مثل هكذا دعوات تنسجم مع رغبة القاضي فائق زيدان ، لتنقية المفصل القضائي من اي قاضٍ تحوم حوله ادنى شبهة ، وبالتالي فكل مؤسسة قد تعتريها اخطاء ومؤاخذات وسبق لرئيس مجلس القضاء الاعلى ان احال بضع عشرات من القضاة ممن كانت سِيرهم فيها شوائب، رئيس مجلس القضاء الذي شغل منصب رئيس محكمة التمييز وكان الاول على دفعته في المعهد القضائي صاحب عشرات الآثار والمصنفات القانونية منها رقابة القضاء الدستوري على الحدود الدستورية بين السلطات ، ومُؤلف سلطة المحكمة الجزائية في تقدير المتهم ، وكذلك تطبيق القانون من حيث الزمان ، يعي ملياً ان القضاء يمر بِنِبالٍ من هنا و هناك ، لا أقولُ على نحو الاطلاق ان الكمال التام يميز القضاء ، لكني اجزم أنهُ لازالَ ركن الاستقرار وبصمة أمتصاص المُلمات وترميمه ماضٍ قُدماً بأجراءهِ رئيس مجلس القضاء ، لكن بهدوءٍ وسكينة بعيدة عن الجلبة وال(شو)، للحفاظ على سمعة القضاء العراقي وأبقاء جذوة القضاء العراقي متقدة سواء داخل البلاد او خارجة ،والاهم من هذا كله ، ان المؤسسة القضائية نأت عن اي تأثر خارجي ومناكفة داخلية وانها ليست طرفًا باي تجاذب ومماحكة، لأنه جزء من الحل وليس جزء من المشكلة.