الثلاثاء, 3 يناير 2023 6:40 م

د. سيف الدين زمان الدراجي
*باحث في شؤون السياسة الخارجية والأمن الدولي.*

لعلنا جميعا سمعنا او عاصرنا لاسيما أولائك ممن هم من مواليد السبعينات والثمانينات أفلام الرسوم المتحركة (افلام كارتون: مغامرات الفضاء/ كرندايزر) وحلمنا كثيرا في فترة طفولتنا أن نمتلك كريندايزر لنقاتل به الاعداء وننتصر لكوكبنا وارضنا.
اليوم بتنا نعيش حالة مشابهة في عالم الفضاء الذي بتعزيز أمنه وحمايته من الأخطار سنحقق الأمن المرجو ونحقق مصالح بلداننا العليا.
أن الفضاء الخارجي أمر بالغ الأهمية للأمن الوطني والدولي، حيث تعمل الدول على تحليل الأبعاد المختلفة لامن الفضاء في سياق ديناميكيات التسلح الاستراتيجي، والقدرات العسكرية والالكترونية والسيبرانية والأمن البيئي والاجتماعي والاقتصادي والأمن البشري للأرض. لقد تابعت خلال شهر ديسمبر الماضي (حوار أبوظبي للفضاء) والذي نظمته وكالة الإمارات للفضاء بمشاركة وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة الدفاع الاماراتية. ولاحظت حجم الاهتمام الدولي بهذا المؤتمر الذي شارك فيه اكثر من 300 صانع قرار وممثل عن وكالات الفضاء و وزراء وشركات متخصصة عالمية من أكثر من 47 دولة.
تعتمد رفاهية الدول والأفراد على القدرة على الوصول إلى الفضاء واستخدامه. إن التطبيقات التي تتراوح ما بين الاتصالات العالمية إلى العمليات المالية ، والزراعة والتنبؤ بالطقس ، والرصد البيئي إلى الملاحة ، والمراقبة، كلها مدعومة بموارد في الفضاء الخارجي. أن التحليلات القائمة على الحقائق و اشراك أصحاب المصلحة يثري النقاشات الجارية لتحديد الاتجاهات والآثار الواقعة من أجل منع الصراع والعمل على استخدامات عادلة وآمنة و مستدامة وسليمة للفضاء الخارجي.
يعكس مفهوم أمن الفضاء نية معاهدة أمن الفضاء الخارجي لعام 1967 والتي تنص على ان الفضاء الخارجي ينبغي أن يظل متاحاً للاستخدام من قبل جميع الأطراف للأغراض السلمية .
كما تُعد أنظمة الأمن الفضائي أدوات حيوية لتعزيز مرتكزات الأمن القومي والسياسة الخارجية و المصالح الاقتصادية العالمية، فضلا عن توسيع المعارف العلمية. ومع ذلك اصبح الفضاء محل نزاع متزايد مما يعني أن أنظمة الفضاء والبنى التحتية الداعمة لها معرضة لمجموعة متنوعة من الأخطار الطبيعية أو التي من صنع الإنسان والتي يمكن أن تهكرها أو تحطمها أو تعطلها او تستخدمها لغايات ارهابية.
لدى منظمة الامم المتحدة / مكتب مكافحة الإرهاب العديد من المبادرات في مجال ” التقنيات الجديدة، لجمع المعلومات المفتوحة المصدر والأدلة الرقمية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف مع احترام حقوق الإنسان. حيث يتيح المكتب خبرته في المنتديات الدولية بشأن استخدام المنظومات الجوية غير المأهولة (UAS) وسيعمل على استحداث مزيد من البرامج في هذا المجال”.
أكدت العديد من التقارير إلى أن بعض الحكومات و الكيانات غير الحكومية تعمل على تطوير قدراتها الفضائية خلال العقد المقبل نظرا للطبيعة المترابطة للقدرات الفضائية واعتماد العالم المتزايد عليها.
أن السلوك المتهور في الفضاء له تداعيات سلبية على جميع الدول، ومن الضروري وضع التدابير التي تعزز الاستقرار وتعمل على تنسيق المواقف و تقديم الإشعارات المسبقة بشأن حركات مركبات الإطلاق في الفضاء، والتأكيد على المبادئ التوجيهية لأفضل الممارسات والتحذير من مخاطر الاصطدام بين الأجسام الفضائية.
تسهم كل هذه الإجراءات في تحسين الاستقرار وبالتالي حفظ المصالح الأمنية. الا ان الحطام المتراكم يعرض جميع الأنشطة البشرية في الفضاء الخارجي الهش للخطر، وهناك اكثر من 70 دولة لديها حاليا اكثر من 2000 قمر صناعي عامل في الفضاء حسب بعض التقارير.

أن التقنيات الحديثة و الابتكار في تقنيات الإطلاق والخدمات الجديدة سيزيد من فرص الوصول إلى الفضاء، فهناك صراع وتنافس محموم لاسيما بين الجهات الفاعلة والدول الكبرى كالولايات المتحدة والصين وروسيا كما هو على الأرض. وبذلك تزداد الخصومات التي قد تمنع من مشاركة المعلومات الضرورية لدعم مستوى عالي من الأمن، وقد تتزايد احتمالية نشوب حرب في الفضاء لأن بعض الدول تعتبرها الآن ساحة معركة مشروعة و هناك تقارير تشير الى ان هناك استخدامات تجسسية لبعض الاقمار.
من امثلة بعض التحديات ما طرحه معهد ستوكهولم الدولي لابحاث السلام، حيث اشار الى انه ” في 15 تشرين الثاني / نوفمبر 2021 ، أجرت روسيا اختبار اطلاق صاروخي مضاد للأقمار الصناعية (DA-ASAT) ، دمرت من خلاله أحد اقمارها الفضائية ، وهو قمر صناعي غير صالح للعمل، في مدار أرضي منخفض. الامر الذي اثار حفيضة بعض الدول وسرعان ما تم إدانته على نطاق واسع باعتباره تهديدًا و عمل غير مسؤول، بسبب سحابة الحطام الفتاك التي لا يمكن السيطرة عليها ، والتي ستعرض للخطر كل من الأصول الفضائية ورحلات الفضاء البشرية لسنوات قادمة”.
أن الدول التي لا تستعد من الآن، ولا تضع في حساباتها التوجه نحو الفضاء ومواكبة عملية التطور في هذا القطاع المهم، ستفقد ميزة رئيسية و خاصية مهمة في حماية امنها الفضائي و قدرتها على الحصول على المعلومات الاستخبارية التي قد تكون حاسمة في تحديد خطر ما أو مواجهة تهديداً مستقبلياً. أن الحاجة إلى وضع الاستراتيجيات والسياسات القطاعية الخاصة بأمن الفضاء سيضع الدولة بمأمن من أن يتم التجاوز على حقوقها الفضائية أو التلاعب بها من قبل دولة أخرى قد تسبقها ولوجاً في هذا المحور الأمني المهم.
علينا أن ” لا نسمح لــعدونا القائد كاندال ورئيسه فيكا الكبير بمهاجمة محطتنا الأرضية وعلمائنا، وعلى الدوق فليت وكرندايزر أن يكونا مستعدين دوماً للدفاع عن فضائنا ومصالح أمننا القومي”