الأثنين, 14 نوفمبر 2022 11:12 ص

بغداد/المركز الخبري الوطني

نشرت جريدة الصباح ،اليوم الإثنين ،مقالا لرئيس الجمهورية تضمن نقاطا من برنامجه الذي تقدم به لانتخابه رئيسا للجمهورية.

نص مقال رئيس الجمهورية المنشور في جريدة الصباح:

لقد كنت آمل مشاركة الأخ رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وتمثيله العراق في قمة المناخ، وهو ما اتفقنا عليه قبل سفري إلى قمة الجزائر؛ وذلك لأن قمة المناخ وثيقة الصلة بالعمل التنفيذي وبالمشكلات التي تواجه الدولة والإجراءات الحكومية المتخذة للحد من أضرار تغير المناخ على البيئة والأمــن الاقتصادي والغذائي والاجتماعي خصوصاً مشكلاتنا مع المياه والجفاف، لكن لانشغال رئيس مجلس الوزراء، مع بداية تسنمه مسؤولياته، بالكثير من متطلبات العمل الحكومي، فقد جرى الاتفاق ما بيننا على مشاركتي في قمة شرم الشيخ بعد قمة جامعة الدول العربية في الجزائر. وهذا ما أدى إلى التأخر عن الحديث المباشر مع الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته عما نخطط ونعمل مـن أجله فـي عملنا كرئيس لجمهورية العراق، وهو عمل محدد دستورياً ترسخ من خلال التجربة العملية للسلطات الديمقراطية ما بعد 2003.

قبل انتخابنا رئيساً للجمهورية كنت قد أعددت برنامجاً عاماً للعمل اطلع عليه كثير من الأطراف والقوى السياسية الممثلة في مجلس الـنـواب، وكــان أســاس تفاهمنا على الدعم البرلماني الذي حظينا به من قبل ممثلي الشعب ونيلنا الثقة. كانت مبادئ هـذا البرنامج تطمح للتأكيد على حرصنا الشديد على المسؤولية الأساسية لرئيس الجمهورية كما صاغها الدستور في المـادة 70 التي تنص على ما يلي: “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحـدتـه، وسلامة أراضـيـه، وفقاً لأحكام الدستور”.

لقد جاء في ورقة برنامجنا التي تقدمنا بها لانتخابنا لرئاسة الجمهورية ما يلي: 

1 ـ تنفيذ الاستحقاقات الدستورية التي أشار إليها الدستور خدمة للمواطن والدولة.

2 ـ العمل على أن تكون هناك حكومة كفوءة تمثل مختلف أطياف الفضاء الوطني.
3 ـ دعم التشريعات الدستورية مع التمسك بالثوابت في الحقوق والواجبات والحريات والنهج الديمقراطي الذي اختاره الشعب. 
4 ـ التأكيد على أهمية دور مجلس النواب الأساسي لإنجاح عمل الحكومة عبر التشريع والرقابة.
5 ـ بــذل كـل جهد ممكن مـن أجــل مساعدة السلطة التنفيذية والسلطة القضائية لمواجهة آفة الفساد الـذي يهدد كياننا الديمقراطي وذلك لضمان تصحيح مسار العملية السياسية، وتقديم أفضل الخدمات للشعب العراقي في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتنموية من خلال إدارة قوية تقوم بحملة لا هوادة فيها ضد الفساد وبجميع الاتجاهات.
 6 ـ السعي إلى تعاون جميع مفاصل السلطة ومؤسسات الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية لمختلف شرائح الشعب ورفع المستوى المعيشي للمواطن.
7 ـ التنسيق بـين مختلف الأطـــراف لإيجاد الحلول السريعة والناجعة والدائمة للمشاكل بين إقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية من جانب ومـن جانب آخـر بين المحافظات غير المنتظمة في إقليم والوزارات والقطاعات المعنية، من أجل خلق بيئة وأوضاع طبيعية في كل مناطق العراق وبما يدعم ويرسخ أسس الوحدة الوطنية.
 8 ـ السعي، وبالتعاون مع مجلس الوزراء ومجلس الـنـواب، لكسب الـدعـم الـدولـي للعراق في مواجهة القوى الإرهابية التي ما زالت تهدد أمـن وسلامة وسـيـادة الـعـراق وتقوية الأمن وتثبيت الاستقرار في أنحائه كافة. 

9 ـ من أولويات عملنا في رئاسة الجمهورية الحرص على تحشيد الدعم الدولي لإعادة بناء العراق وفقا لأسس جديدة تقوم على تحقيق تقدمه الاقتصادي والاجتماعي وتكرس موارده المادية والبشرية لمشاريع التنمية الاستراتيجية وتشجيع القطاع الخاص للتنمية والتجارة. 

10ــ العمل على أن تكون هناك جهود حقيقية لإصلاح أوضاع القوات المسلحة العراقية بكل تشكيلاتها، وأن تعمل على أسـس المواطنة والولاء للوطن وحماية الدستور، والعمل على أن يكون السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الرسمية حصراً ووفق الدستور، وفي جميع أنحاء العراق بدون استثناء.

 11ـ الحفاظ على استقلال القضاء ومنع  الـتـدخـلات السياسية فـي عمله والالـتـزام بقراراته.
 12ـ العمل مع دول الجوار التي تنبع منها مياه أنهار العراق أو تمر عبر أراضيها، للتوصل إلى اتفاقات وتفاهمات فنية واقعية وعادلة تحفظ حقوق العراق المائية، مع السعي لتطوير إدارة المياه في العراق وإحياء جهود إنعاش الأهوار لإنقاذها من موجات الجفاف وإيقاف التصحر الذي يتمدد على حساب الأراضي الزراعية. 
13ـ بناء دولـة قوية بمؤسساتها تحت سيادة القانون والتوجه نحو التنمية، لكي يقوم العراق بــدوره الـقـوي فـي المنطقة والـعـالـم، إضافة إلى الالتزام بالقانون الدولي الذي هو ركيزة أساسية لإقامة وحماية علاقات دولية متوازنة مع المجتمع الدولي.
 14ـ دعــم القطاع الاقـتـصـادي الـخـاص من خلال خطوات جريئة وسريعة تتمثل بتشريع قوانين اقتصادية عصرية وتبسيط الإجراءات الحكومية وإلغاء الحلقات البيروقراطية لخلق بيئة أعمال حرة ودعـم الاستثمارات المحلية
والأجنبية.
 15ـ العمل على إعادة المهجرين الذين شردوا مـن مناطقهم بسبب الـنـزاعـات المسلحة والإرهاب إلى ديارهم.
 16ـ إعمار المدن والقرى والأحياء التي تعرضت للدمار والخراب من قبل الإرهاب. 

17ـ السعي إلـى تدعيم علاقات الـعـراق في محيطه العربي والإقليمي والدولي بما يضمن سـيـادة وحـيـاديـة الــعــراق والمـحـافـظـة على مصالحه. عـززت مشاركتنا في قمتي الجزائر وشرم الشيخ الثقة بإمكانية عمل جدي وفعال. التقينا  هناك واجتمعنا بأجواء طيبة وبتفاهم مع كثير من رؤساء وملوك وزعماء ممثلين لبلدانهم في القمتين وقد لمسنا من المشاعر ما يؤكد إمكانية الدفع بعلاقات الـعـراق الإقليمية إلـى أمام باتجاه تنمية المصالح المشتركة لشعوب وبلدان الجوار والمنطقة من أجل خلق بيئة سياسية آمنة ومستقرة قائمة على أسس التعاون والبناء والسلام. 

يمتلك العراق فرصاً طيبة ليكون محوراً في مثل هذه التفاهمات، ولعل النجاحات التي حققها خلال الأعوام الأخيرة في توفيره أجواء تفاهم بين بلدان الجوار تسمح له بمواصلة هذه الجهود التي يبدو أن الجميع في محيطنا الإقليمي بحاجة ماسة إليها. سنعمل على دعم الجهد الحكومي بهذا الاتجاه بما من شأنه جعل العراق واحة سلام دائم. إن الشأن المهم الذي منحناه كثيراً من الوقت والجهد هو مشكلة المياه التي تحدثنا عنها في قمة الجزائر واستغرقنا بتفاصيل أوسع فيها بقمة شرم الشيخ، وهي قمة تعنى بمشكلات المـنـاخ كخطر يهدد العالم كله، والجفاف والتصحر وشح المياه عامل أساس وخطير في تفاقم هذه المشكلة التي تلقي بظلالها الثقيلة على الثروة المائية لبلدنا. 

بحكم تخصصنا الأكاديمي وخبرتنا المحلية والدولية نستطيع من موقعنا كرئيس للجمهورية عمل الكثير بما يعضد في هذا المجال جهد وزارة المـــوارد المائية، وذلــك بالتفاهم مع السلطات في الجمهورية التركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وأيضا مع الجمهورية العربية السورية. من أجل التوصل إلى تفاهمات واتفاقات تؤّمن تقاسما عاد ًلا للمياه، وهذا ليس
بالمستحيل.
تشكل هذه المشكلات هاجساً دائماً للعراقيين، مواطنين وسلطات، بما تمثله من خطر على الحياة والاقتصاد والبيئة، وسيكون ضبط أمننا المائي جزءاً استراتيجيا ومهما من أمننا
الاقتصادي والبيئي. إن مثل هـذه الجهود في رئاسة الجمهورية هي عمل تكاملي مع الجهد الحكومي الذي أمامه الكثير من المهام والمسؤوليات التنفيذية ذات الصلة بحياة وعيش المواطنين وأمنهم، كما لها الصلة الوثيقة ببناء البلد وإخراجه مــن الــركــود الـــذي ظــل يـعـانـي مـنـه طيلة سنوات. ّ
إن وحدة الأهداف والجهود هي الحجر الأساس لنجاحنا وتحقيق هذه الأهداف كما أن الشعور المشترك بالمسؤولية عـن حياة وكـرامـة أي مواطن هو البداية الصحيحة للبناء والانطلاق نحو المستقبل.