الجمعة, 19 يوليو 2019 8:56 م

بغداد /المركز الخبري الوطني NNC

أصدرت وزارة الخزانة الأميركية لائحة جديدة تشمل أربع شخصيات عراقية بالحصار المالي، ما أطلق نقاشا محتدما في أروقة القرار و المجموعات المتنوعة العراقية بين مؤيد ورافض للائحة، كما ان هناك ضبابية حول تآثيرات هذا القرار على الاشخاص وصلاحية الولايات المتحدة الأميركية لفرض مثل هكذا قرار على مواطنين في دولة ذات سيادة.

الخلفية القانونية
تستند الولايات المتحدة الأميركية في فرض هذه العقوبات او الحصار على قانون ماگنستكي للمساءلة حول حقوق الانسان:
‏‘Global Magnitsky Human Rights Accountability Act الذي يفوض الرئيس الاميركي بفرض الحصار على الاشخاص والكيانات غير الاميركية بالتنسيق مع اللجان المعنية في مجلس الشيوخ او مجلس النواب، مثل اللجنة المالية ولجنة العلاقات الدولية ولجنة المصارف وغيرها.

المادة الثالثة من القانون تعطي الرئيس الأميركي صلاحية فرض الحصار في اربع حالات، هي: إذا توفرت أدلة دامغة على أن الشخص المعني ارتكب في اي دولة اجنبية جرائم قتل او تعذيب او انتهاكات لحقوق الانسان معترفا بها دوليا، ضد اشخاص يعملون على فضح المسؤولين الفاسدين في الحكومة او المدافعين عن حقوق الانسان، كما ان القانون يشمل المسؤولين الحكوميين ومساعديهم الاساسيين المتورطين بالفساد المالي والاداري والرشوة واستملاك المال العام والحصول على العقود الحكومية او تحويل الاموال المحصلة من الفساد الى دول اخرى، كما ان القانون يشمل كل من ساعد بالتحويل المالي او بالتقنية او تقديم الخدمات للمتورطين بالجرائم آنفة الذكر.

نتيجة شمول الحصار لشخص ما، تتمثل في منعه من الحصول على تآشيرة الدخول الى الولايات المتحدة الاميركية و ان كان حاصلا عليها فيتم الغاؤها، فضلا عن منعه من استملاك اي عقار في الولايات المتحدة او اي منطقة تدخل ضمن نفوذ الولايات المتحدة ومنع التعاملات المالية مع الشخص المشمول.

كما ان المتعاونين مع الشخص المعاقب او من يريد كسر الحصار عليه يتعرضون لعقوبات شديدة مدنية وجنائية منها فرض غرامة ٢٥٠ الف دولار الى مليون دولار، او عقوبة بالسجن لمدة ٢٠ سنة.
علما ان المنع يتم فرضه بالاتفاق بين الرئيس واللجان المعنية في الكونغرس وهناك آلية مذكورة في القانون لتحديد ذلك.

رفع العقوبات:
يعطي القانون صلاحية رفع الحصار عن اي شخص للرئيس الأميركي، ويجب عليه ارسال تقرير للجنة المعنية قبل ١٥ يوما من تاريخ رفع الحصار في الحالات الاتية:
١- وجود ادلة دامغة بان الشخص المشمول لم يرتكب اي من الجرائم التي قام عليها الحصار.
٢- اكتملت عملية معاقبة الشخص عن الجرائم التي تسببت في الحصار.
٣- ان الشخص بين بوضوح بانه ترك السلوك المنتهج ودفع الثمن المطلوب لنشاطه وبين بوضوح بانه لن يعود لارتكاب مثل هذه الافعال في المستقبل.
٤- في انهاء العقوبة ضرورة للامن الوطني الاميركي.

جدل السيادة العراقية والفرض الاميركي

هناك جدل محتدم حول السيادة العراقية والبعض يجادل بان الحكومة العراقية يجب ان لا تقبل بهذه العقوبات لانها انتهاك صارخ للسيادة العراقية وخصوصا بان بعض من هذه الشخصيات هم نواب في البرلمان او محافظون، وهنا لا بد من الاشارة الى أن الولايات المتحدة تفرض هذه العقوبات على العالم كله لان بامكانها العمل على ذلك.

الهيمنة الأميركية على المصارف وصرف الدولار والتحويلات المالية المصرفية، كما ان الشركات الكبيرة وخصوصا المصرفية لا تجازف بشمولها بالعقوبات او الغرامات من اجل اشخاص، فبذلك يصبح مدى العقوبة اكبر بكثير من فرضها داخل أميركا فقط.

بمعنى اخر، ان الشمول بالعقوبات ليس مسألة أميركية داخلية فقط، وانما تصبح دولية بشكل غير رسمي، علما انه هناك ٧٨ شخصا من العراق مشمولا بهذا القانون، أكثرهم من اركان النظام السابق. و ١١٩ شخصا من روسيا و ١١٨ من ايران، و٣٠ شخصا المملكة المتحدة والمانيا ٢٦ شخصا والاردن ١٩ شخصا والامارات العربية ٣٩ شخصا والسعودية ١٠ اشخاص وهكذا، ما معناه، ان فرض العقوبات الأميركية على اشخاص مواطنين يشمل الدول الكبيرة والصغيرة.

من الآثار الجانبية ان الدول الاوروبية وغيرها من البلدان المتقدمة ستتخلى عن التعامل مع اي شخص مشمول بهذه العقوبات وستتشد في منح تاشيرات الدخول الى اراضيها، كما انها ستوقف اي عمل مشترك معهم خوفا من الردع الاميركي. وحسب رأي المراقبين، فإن فرض العقوبات الشخصية هو اداة ضغط من قبل الادارة الاميركية وتستعمل بما يخدم مصلحتها والدليل هو الفقرة الرابعة من صلاحيات الرئيس الاميركي في القانون فيما يتعلق باستثناء الاشخاص المشمولين التي تشير الى ضرورة انهاء العقوبة لو كان ذلك في مصلحة الامن القومي الاميركي، وهذه الحالة تفرغ القانون من محتواه للدفاع عن حقوق الانسان او محاربة الفساد. كما انها تبين الازدواجية في الموقف الاميركي حيث انه هناك الكثير من الشخصيات المعروفة بفسادها في الدولة العراقية ومثبت عليهم في هيئة النزاهة ولكن الادارة الاميركية لم تشملهم بالعقوبات.

هناك من يقول إن العقوبات هي بمثابة البطاقة الحمراء للمشمولين والبطاقة الصفراء للذين يتعاملون معهم او من يتصرف مثلهم وعليهم ان يأخذوا الحيطة والحذر من شمولهم بهذه العقوبات.

لا شك في أن فرض الحصار والعقوبات الاقتصادية بحق الاشخاص او الدول هو اداة للضغط السياسي تمارسه الولايات المتحدة ويعنيها عليه اكثرية المؤسسات العالمية خوفا على مصالحها، وإن الجدل سيستمر حول قانونية هذه العقوبات علما ان الامم المتحدة او غيرها من المنظمات العالمية تقف مكتوفة الايدي بوجه هذه العقوبات.